ختم مسجد ذهبان ليلة 20رمضان لعام 1438هـ الموافق 14-6-2017م
” أنا و المحضار والغيل ”
*** من قلم/ علي همام بن همام
“لأجلك إنت عشقت الغيل*** وعشقت( ذهبان) والحومة ”
…بهذه المقدمة الرقراقة العذبة والتي تمثل بداية قصيدة محضارية تحمل نفس التخميسة ..
أستهل مقالي عن تلك المدينة الزاخرة بصنوف الإبداع وألوان العقول وأنواع الثقافات… مدينة العلم والمعرفة، (الغيل) الحضارة والإصالة والتاريخ.
هذه المقدمة إمتدت في قلبي وولدت في نفسي ذكريات وأحاسيس عميقة لاتقل في عمقها عن الأحاسيس التي تفجرت في اللحظة التي وضعت كلمات ولحن تلك الأغنية المحضارية وفي اللحظة التي غنيت نغماتها الأولى.
كما امتدت وأتسعت أمامي لترسم لوحة ملونة عن الغيل التي قال عنها شاعر ومن الموروث الشعبي :
” سلام على أهل الغيل لي صروا الحبل صر***
***بن همام حاكمها وشيخها الوزيري باوزير ”
ليلة العشرين من رمضان عاشت منطقة (الصالحية )التي يقع في قلبها مسجد جامع ذهبان – الذي أسسه الشيخ صالح بن محمد بن همام الناخبي- ليلة من ليالي الغيل وحضرموت الرمضانية، فيها من الروحانية الربانية وفيها من التراث الحضرمي الجميل، إحياً لعادة من العوائد الجميلة التي إعتاد الاجداد والاسلاف والأبناء على إحيائها ممثلة في ختاميات رمضان.
وهي عادة تحمل مضموناً إجتماعياً تكافلياً، حيث يقوم الأهالي في ليلة الختامي والساكنون في المنطقة بدعوة أقاربهم وذويهم مع أطفالهم من الحارات الأخرى لمشاركتهم وجبة الإفطار فتلتم الكثير من الأسر بحضور جميع أفرادها المتواجدون في المدينة. ومع نهار هذا اليوم صحوت على أصوات بعض الصبية من صغار الصالحية، وهم يجوبون الشوارع والحارات وهم يلبسون الملابس التنكرية الهزلية والبهجة تغمرهم في الإشهار والإعلان عن ختامي مسجدهم وهم يرددون: “سالم طويسي سالم طويسي.. علق قناديله في شيخه
سالم طويسي سالم طويسي.. الليلة ختامي في ذهبان ”
وفي تلك الليلة بعد أفطرنا على سماع لفظ الجلالة وعبارات التوحيد وهي تعلو مأذنة مسجد جامع صالح محمد بن همام (ذهبان)
خرجت مصطحبا أطفالي (أسماء، ومنى وهمام) لمشاهدة مراسم الختامي والتي تبدأ بالتسوق في السوق التي تقام في مثل تلك الليلة في الساحة المجاورة للمسجد الذي تم تزيينه بالأنوار والزينة وتبخيره بالبخور وماء الورد وكانت السوق تعج بالبسطات (المفارش) التي تعرض مختلف السلع من، ألعاب الاطفال وحلويات ومكسرات إضافة الى المراجح التي يتسلى بها الأطفال التي تزدحم بهم الساحة.
وفي تلك اللحظات الفرائحية التي تتسم بجو من البهجة والسرور تخلل مراسيم الختامي جوار المسجد تقديم عرض كرنفالي تراثي بلوحة فنية تراثية جميلة ابدع خلالها صغار الصالحية في عرض صنوف من الألعاب الشعبية التي عبرت عن إصالةالموروث الحضاري والثقافي وجسدت عمق الآرتباط بين جيل الاسلاف والمحافظة عليه.
وتظل هذا الاجواءمستمرة حتى اقامة صلاةالتراويح في المسجد لتسود المكان أجواءروحانية ربانية حيث يحتفل المصلون بعد الصلاة ويشرعون في قرأة ختم القرأن .
وتصدح مكبرات الصوت على أصواتهم وهم يرددون :
الوداع، الوداع شهر الصيام.. ودعوا ياكرام شهر القيام
ودعوا ياصائمينا….. شهر رب العالمين
أعاده الله علينا….. وعليكم بالسلامة
ليصاحبها مظاهر تختلف عن بقية رمضان. وتستمر الختاميات في عدد من مساجد الغيل وحضرموت كعادة أصيلة اعتاد عليها الحضارم في ختام رمضان.
وقد تذكرت قصيدة قالها شاعرنا الكبير حسين ابوبكر المحضار رحمة الله عليه في ذكرى وفاة المؤرخ سعيد عوض باوزير يقول فيها:
” أنا و المحضار والغيل ”
للناس أعياد والذكرى من الأعياد. . .
… يتقابل الناس في أوقات موعودة
لانعتبرها إفتخار أومدح للأجداد…
…لكنها من عطا ربي ومن جوده
والغيل غيل الوزيري كم لها أمجاد…
…البعض منها إهتمل والبعض موجودة
من يوم أسس بها عبدالرحيم وشاد
…أمست إليها نفوس الناس مشدودة
والسر لازال يتنقل في الأولاد. . .
ياما وياما إفتخر والد بمولوده
تم عدد المحضار بعض من مشائخ وعلماء الغيل، حيث يقول:
والشيخ بامخرمة فيها وباعباد..
والشيخ بن سلم قد أثمر بها عوده
وبونمي والمديحج وإبن يحي الهاد
وكم أقاموا مآثر كنن مهدوده
وكم سكنها من الزهاد والعباد
ذي مابغى الا رضى ربه ومعبوده
ولم نزل نحن عاأثارهم ننقاد
ماهمنا من بغى التغيير بنقوده
ثم يقول :
(نذكرك في الغيل وايضانذكرك بسعاد
وأيام مرت معك حلوة ومسعودة)
فلاغرابة اذاً في قول المحضار في عشق الغيل :
(في الشحر مابسكن…
باحل في الغيل قده أفضل وأخير)
ذات مرة سنحت لي الفرصة أن أسأل شاعرنا المحضار حين زرته في الشحرلتقديم دعوة له من محافظ المهرة لزيارة المهرة والمشاركة في فعاليات مهرجان خريف 2000م.
وسألته قائلاً :
من ذلك الذي عشقت لأجله الغيل وذهبان.. فرد المحضار بسرعة بديهته وقال مازحاً ،(لأجلك إنت) فضحكنا وعرفت إن ابومحضار يريد أن يحتفظ بهذا لنفسه أوكأنه يقول لي إن المعنى في بطن الشاعر اوبصحيح العبارة إن المعنى في قلب الشاعر. !!!
علي همام /غيل باوزير 2015م.
الحفل المسرحي
البساط
ختم القرآن
سالم طويسي